الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام وعلم الغيب
لمّا كان الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام هو الخليفةَ المنصوص عليه بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ حسب الأدلّة النقليّة والعقليّة الثابتة في موردها ـ فقد أفاض سبحانه من علمه الغيبيّ للإمام كما أفاض لرسول الله صلّى الله عليه وآله؛ ليكون قادراً على أداء مهامّه الرساليّة، وبهذا الصدد نذكر جملة من النصوص التي تؤكّد امتلاكه عليه السّلام لعلم الغيب، منها:
1 ـ قوله تعالى: ومَن عندَه عِلمُ الكتاب ، حيث روى الجمهور أنّه هو عليّ بن أبي طالب عليه السّلام .
2 ـ قوله تعالى: ثمّ أورَثْنا الكتابَ الذينَ آصطفَينا مِن عبادِنا رُوي أنّه عليّ عليه السّلام ، وهو من أجلى المصاديق لمن اصطفاه الله من عباده.
3 ـ قوله تعالى: وتَعيَها أُذُنٌ واعية ، وقد روى الجمهور أنّها نزلت في عليّ عليه السّلام أيضاً، وأنّه قال: « ما سمعتُ شيئاً من رسول الله صلّى الله عليه وآله فنَسِيتُه » .
فالذي يمتلك علمَ الكتاب، وهو من المصطفَين الذين أُورِثوا الكتاب، هو باب علم الرسول صلّى الله عليه وآله، وهذا العلم يتضمّن علوم الغيب وغيرها، وقد مُنح للإمام عليّ عليه السّلام حسب هذه النصوص.
4 ـ قال عليه السّلام مخبراً عن حوادث غيبيّة: « والله لو شئتُ أن أخبر كلَّ رجل منكم بمخرجه ومولجه، وجميع شأنه لفعلت، ولكن أخاف أن تكفروا فيَّ برسول الله صلّى الله عليه وآله، ألا وإني مُفْضيه إلى الخاصّة ممّن يؤمن ذلك منه. والذي بعثه بالحقّ واصطفاه على الخَلْق، ما أنطِق إلاّ صدقاً، ولقد عَهِد إليَّ بذلك كلِّه، ومَهلك مَن يهلك، ومَنجى من ينجو، ومآل هذا الأمر، وما أبقى شيئاً يمرُّ على رأسي إلاّ أفرغه في أُذنيّ، وأفضى به إليّ » .
5 ـ أشار عليه السّلام وأخبر عن الحوادث التي فعلها القرامطة بقوله: « يَنتحلون لنا الحبَّ والهوى، ويُضمرون لنا البغضَ والقِلى، وآية ذلك قتلُهم ورّاثَنا، وهجرُهم أحداثَنا ».
قال ابن أبي الحديد: وصحّ ما أخبر به؛ لأنّ القرامطة قتلت مِن آل أبي طالب عليه السّلام خَلْقاً كثيراً .
6 ـ جاء في خطبة للإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، أنّه قال: « سَلُوني قبل أن تَفقدوني، فوالله لا تسألونني عن فئةٍ تُضلّ مائة، وتهدي مائة، إلاّ نبّأتكم بناعقها وسائقها إلى يوم القيامة ».
فقام إليه رجل فقال له: أخبرني كم في رأسي ولحيتي من طاقة شعر ؟
فقال عليه السّلام: « والله لقد حدّثني خليلي رسول الله صلّى الله عليه وآله بما سألت، وإنّ على كلِّ طاقة شَعر من رأسك مَلَكاً يلعنك، وإنَّ على كلّ طاقة من شَعر من لحيتك شيطاناً يستفزّك، وإنّ في بيتك لَسَخْلاً يقتل ابنَ رسول الله صلّى الله عليه وآله، ولولا أنّ الذي سألت عنه يعسُر برهانه لأخبرتُ به، ولكن آيةُ ذلك ما نبّأتُ به مِن لعنك وسخلك الملعون ».
وكان ابنه في ذلك الوقت صغيراً، وهو الذي تولّى قتل الحسين عليه السّلام فيما بعد .
7 ـ كانت للإمام أمير المؤمنين أحكام غريبة وعجيبة أكثر من أن تُحصى، وهي تكشف بدورها عن علم الإمام الممنوح له من الله تعالى، حيث نجده يجيب عن أحكام الله بعد عجز غيره عنها، مثل الأمر بشقّ الولد نصفين حتّى رجعت المرأتان المتداعيتان إلى الحقّ .
وكقسمة الدراهم على صاحبي الأرغفة ، واستخراج حكم الخُنثى، وأحكام البغاة، حتّى قال الشافعي: عَرَفنا حكمَ البغاة من عليّ عليه السّلام
.
8 ـ جاء في ( أُسد الغابة ) لابن الأثير في ترجمة غرفة الأزديّ، أنّه كان من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ومن أصحاب الصُّفّة، وهو الذي دعا له النبيُّ أن يبارك في صفقته، قال غرفة: دخلني شك من شأن عليّ عليه السّلام، فخرجت معه على شاطئ الفرات فعدل عن الطريق، ووقف ووقفنا حوله، فأشار بيده: « هذا موضع رواحهم، ومناخ ركابهم، ومهراق دمائهم، بأبي مَن لا ناصرَ له في الأرض ولا في السماء إلاّ الله ». فلما قُتل الحسين عليه السّلام خرجتُ حتّى أتيت المكان الذي قتلوه فيه فإذا هو كما قال ما أخطأ شيئاً. قال غرفة: فاستغفرتُ اللهَ ممّا كان منّي من الشكّ، وعلمت أنّ عليّاً عليه السّلام لم يقدم إلاّ بما عُهِد إليه فيه
.
9 ـ أخبر الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام بقتل ( ذي الثَّدِيّة ) من الخوارج، وعدم عبور الخوراج النهر بعد أن قيل له: قد عبروا
.
10 ـ وأخبر عليه السّلام عن شهادته .
11 ـ وأخبر بأنّ المغول سيأخذون المُلْك من بني العبّاس
.
12 ـ وأخبر بصلب ميثم التمّار وطعنه بحربة عاشرَ عشرة، وأراه النخلةَ التي يُصلَب على جذعها، ففعل به ذلك عبيدُالله بن زياد عليهما اللّعنة .