سيرتها (صلوات الله عليها) مع علي (عليه السلام)
مناقب الخوارزمي
(بإسناده) عن أبي سعيد الخدري، قال:
انقضّ عليّ وفاطمة (عليها السلام): فقالت له فاطمة (عليها السلام): ليس في الرحل شيء، فخرج عليّ يبتغي الرزق، فوجد ديناراً، فعرّفه حتى سئم، ولم يجد له طالباً، ولم يصب عليّ شيئاً، قال: إلا أنّي وجدت ديناراً، فعرّفته حتى سئمت ولم أجد له باغياً.
فقالت: هل لك في خير، هل لك أن تستقرضه، فنتعشّى به وإذا جاء صاحبه، فله عوضه، وإنّما هو دينار مكان دينار؟ فقال علي (عليه السلام):
أفعل. فأخذ الدينار، وأخذ وعاءً، ثم خرج إلى السوق، فإذا رجل عنده طعام يبيعه.
فقال علي (عليه السلام): كيف تبيعني من طعامك هذا؟
قال: كذا وكذا بدينار، فناوله علي (عليه السلام) الدينار، ثمّ فتح وعاءه، فكال له حتى إذا فرغ ضمّ عليّ (عليه السلام) وعاءه، وذهب ليقوم، ردّ عليه الدينار، وقال: لتأخذنّه - والله -.
فأخذه ورجع إلى فاطمة، فحدّثها حديثه.
فقالت فاطمة (عليها السلام): هذا رجل عرف حقّنا وقرابتنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فأكلوه حتى أنفذوه، ولم يصيبوا ميسرة.
فقالت له فاطمة (عليها السلام): هل لك في خير تستقرضه حتى نتعشّى به - مثل قولها الأول -.
قال: أفعل. فخرج إلى السوق، فإذا صاحبه، فقال له عليّ (عليه السلام): مثل قوله الأول، وفعل الرجل مثل فعله الأول، فرجع، فأخبر فاطمة (عليها السلام)، فدعت له مثل دعائها، وأكلوا حتى أنفذوا.
فلما كان الثالثة قالت له فاطمة: إن ردّ عليك الدينار، فلا تقبله.
فذهب علي (عليه السلام)، فوجده، فلما كال له ذهب يردّه عليه.
فقال له علي (عليه السلام): - والله - لا آخذه، فسكت عنه.
قال أبو هارون: فقمت فانصرفت من عنده فمررت برجل من الأنصار له صحبته، يطيّن بيته، فسلّمت عليه فردّ علي السلام وساءلته وساءلني، ثمّ قال: ما حدّثكم اليوم أبو سعيد؟
فقلت: حدّثنا بكذا وكذا، وحدّثنا حديث الدينار. فقال لي الأنصاري:
حدّثكم من كان الذي اشترى منه عليّ؟ قلت: لا أعلم، قال: كتمكم أبو سعيد: قلت: ومن كان البائع؟
قال: لما ذهب عليّ (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال له:
يا علي، تخبرني أو أخبرك؟ قال: أخبرني يا رسول الله.
قال: صاحب الطعام جبرئيل (عليه السلام) - والله - لولا تحلف لوجدته ما دام الدينار في يدك(29).
مسند فاطمة (عليها السلام)
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه دخل يوماً على فاطمة (عليها السلام)، فوجد الحسن والحسين (عليه السلام) بين يديها يبكيان، فقال: ما لهما يبكيان؟
فقالت: يريدان ما يأكلان، ولا شيء عندنا في البيت.
قال: فلو أرسلت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله). قالت: نعم، فأرسلت إليه تقول: يا رسول الله! ابناك يبكيان ولم نجد لهما شيئاً، فإن كان عندك شيء فأبلغناه.
فنظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في البيت، فلم يجد شيئاً غير تمر، فدفعه إلى رسولها، فلم يقع منهما [كذا] فخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) يبتغي أن يأخذ سلفاً أو شيئاً بوجهه من أحد، فكلّما أراد أن يكلّم أحداً احتشم، فانصرف، فبينا هو يسير إذ وجد ديناراً، فأتى به فاطمة (عليها السلام)، فأخبرها بالخبر.
فقالت: لو رهنته لنا اليوم في طعام، فإن جاء طالبه رجونا أن نجد فكاكه إن شاء الله.
فخرج به (عليه السلام)، فاشترى دقيقاً ثم دفع الدينار رهناً بثمنه، فأبى صاحب الدقيق عليه أن يأخذ رهناً، وقال: متى تيسّر ثمنه، فجئ به، وأقسم أن لا يأخذه رهناً.
ثم مرّ بلحم فاشترى منه بدرهم، ودفع الدينار إلى القصاب رهناً، فامتنع أيضاً عليه وحلف أن لا يأخذه، فأقبل إلى فاطمة (عليها السلام) باللحم والدقيق، وقال: عجّليه، فإني أخاف أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما بعث بابنيه بالتمر وعنده طعام اليوم، فعجّلته وأتى إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فجاء به فإنهم ليأكلون، إذ سمعوا غلاماً ينشد بالله وبالإسلام من وجد ديناراً.
فأخبر عليّ (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالخبر، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالغلام، فسأله؟ فقال: أرسلني أهلي بدينار أشتري لهم به طعاماً، فسقط منّي، ووصفه، فردّهُ رسول الله (صلى الله عليه وآله)(30).
علل الشرائع
القطان، عن السكري، عن الحكم بن أسلم، عن ابن عليّة عن الحريري، عن أبي الورد بن ثمامة، عن علي (عليه السلام):
أنّه قال لرجل من بني سعد: ألا أحدّثك عنّي وعن فاطمة؟
أنّها كانت عندي وكانت من أحبّ أهله إليه.
وأنّها استقت بالقربة حتى أثّر في صدرها، وطحنت بالرحى حتى مجلت(31) يداها، وكسحت البيت حتى اغبرّت ثيابها، وأوقدت النار تحت القدر حتى دكنت ثيابها، فأصابها من ذلك ضرر شديد.
فقلت لها: لو أتيت أباك فسألته خادماً يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل.
فأتت النبي (صلى الله عليه وآله) فوجدت عنده حُدّاثاً(32) فاستحت فانصرفت.
قال: فعلم النبي (صلّى الله عليه وآله) أنّها جاءت لحاجة.
قال: فغدا علينا رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
وقال السلام عليكم.
فقلت: وعليك السلام يا رسول الله، أدخل.
فقال: يا فاطمة، ما كانت حاجتك أمس عند محمّد؟
قال: فخشيت إن لم نجبه أن يقوم، فقلت:
أنا - والله - أخبرك يا رسول الله، إنها استقت بالقربة حتى أثّرت في صدرها، وجرّت بالرحى حتى مجلت يداها، وكسحت البيت حتى اغبرّت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها(33).
فقلت لها: لو أتيت أباك فسألته خادماً، يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل.
فقال: أفلا أعلّمكما ما هو خير لكما من الخادم؟ إذا أخذتما منامكما فسبّحا ثلاثاً وثلاثين، وأحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبّرا أربعاً وثلاثين.